للهم أعطهم مايتمنون لنا" هذا الدعاء وغيره من الايات القرآنية والحكم والمواعظ وعبارات اخرى جعلت السيارات في العراق ، خاصة في البصرة اشبه بلوحة اعلانية متحركة او دفتر مذكرات متنقل يلفت انتباه المارة بمجرد رؤيته ، لتعود معه ظاهرة قديمة يمنعها قانون المرور العراقي في شكل وطابع جديد وهي "كتابة العبارات على السيارات" .
و تباينت آراء المواطنين في البصرة جنوبي العراق بشأن تلك الظاهرة ، فمنهم من إعتبرها ظاهرة سيئة وغير حضارية ، ومنهم من قال إنها جزء من الحرية الشخصية للفرد وليس لها تأثير على المجتمع، في حين وصفها البعض الاخر بانها ظاهرة جيدة لو إختصرت على كتابة العبارات الدينية والإرشادات والحكم .
وفي هذا السياق ، قال احد المواطنين ويدعى ياسر شاكر لمراسل وكالة انباء (شينخوا) "أعتقد أن ظاهرة الكتابة على السيارات سيئة ودخيلة على مجتمعنا مهما كانت تلك العبارات، وأعتقد أن السائق لو اهتم بتكملة نواقص سيارته أفضل مما ينفق الأموال على الخطاطين وتضييع الأوقات في كتابة أو لصق العبارات.
في حين رأى علاء عبدالحسن ان هذه الظاهرة جزء من الحريات الشخصية ، وأن العبارة عندما تكتب على سيارة لن تؤثر أو تضر أحد ، كما انها تعبر احيانا عن واقع لايستطيع الشخص أن يتكلم به أو يظهره للناس إلا عن طريق تلك العبارات .
واضاف "هناك مثلا عبارة جميلة تكتب على سيارة وتكون بمثابة نقد للمجتمع بأسلوب لايمس بكرامة أحد ، وخصوصا فيما يخص قضايا الحسد ، موضحا "أنا كتبت على سيارتي عبارة تقول (اللهم أعطهم مايتمنون لنا) وهذه العبارة ليست خاطئة وباعتقادي هي رسالة واضحة لمن يتمنى الشر لي والعكس أيضا صحيح.
ويؤيد ابو علاء الحجي بعض العبارات ويرفض بعضها ، قائلا "أعتقد إنها ظاهرة جيدة إن كانت العبارة تحمل معنى أو آية قرآنية أو أدعية دينية أو نصائح أو حكم، أما إن كانت عبارات غير بناءة وهادفة فأكيد تصبح ظاهرة سيئة وغير مقبولة.
وعلى المستوى الرسمي والقانوني ، قال أحد مسؤولي مرور البصرة "حقيقة هذه الظاهرة أخذت في الانتشار بشكل غير طبيعي بالرغم من أن هناك قانون يقضي بمنع مثل هذه الكتابات أيا كان شكلها ومعناها ، مشيرا الى ان سبب منعها هو إن الكتابة على السيارة سوف تشغل السائق الاخر وربما يحصل حادث مروري بسبب تلك العبارات ، فضلا عن إنها ظاهرة غير حضارية ولاتليق بمجتمعنا.
وناشد المسؤول الحكومة الانتباه ، وان تأخذ هذا الموضوع في الإعتبار ، وإصدار أوامر لدوائر المرور بالبدء في محاسبة من يكتب عبارات على سيارته حرصا على أرواح الناس.
وكان رجال المرور سابقا يحاسبون كل سائق يكتب عبارات على سيارته بسحب رخصة القيادة والغرامة ، ولكن في ظل الظروف الحالية الصعبة فإن رجل المرور لايستطيع محاسبة السائق، لان أغلب السائقين لايمتلكون رخصة قيادة.
و قال أحد الخطاطين الذين يمارسون كتابة العبارات على السيارات "في الفترة الاخيرة نجد إقبالا غير طبيعيا من قبل السائقين في كتابة العبارات على سيارتهم ، حيث أصبحت تلك الظاهرة أشبه بالموضة ، وحقيقة رغم أنني أكتب تلك العبارات، لكنني أشعر بعض الأحيان بالخجل من كتابة بعضها، وأقدم النصح أحيانا للسائق لتغييرها .
واضاف "هناك حقيقة عبارات جيدة تكتب داخل السيارة وتتضمن أدعية وآيات قرآنية وحكم، لكن هناك عبارات يطلب السائق أن أكتبها على زجاج السيارة الخلفي وتكون ملفته للنظر وبألوان فسفورية صارخة وخصوصا الشباب".
من جانبه ، قال أحد أصحاب سيارات النقل"منذ القدم أفضل أن لا اكتب على سيارتي ، وفي الواقع اتعرض دائما لنقد من قبل أصدقائي ، لافتا الى أن أغلب سيارات النقل تجدها مليئة بالعبارات خاصة في مؤخرة السيارة".
فيما قال سائق آخر "أختار العبارة التي تمتدح السيارة وتميزها عن السيارات الاخرى وأعطيها صفة ، بحيث يتكلم بها جميع السائقين فسيارتي هذه كتبت عليها (الثلجية) كون لونها ثلجي ، وكانت لدي سيارة أخرى معروفة كتبت عليها (العلوية) كون لونها أخضر . (شينخوا)